كأس العالم للأندية 2025: رهان الفيفا الكبير
مقدمة: حدث رياضي عالمي بطموحات ضخمة
تستعد الأندية العالمية لخوض غمار كأس العالم للأندية في نسختها الجديدة بمشاركة 32 فريقًا لأول مرة، في حدث رياضي يُعدّ الأضخم على مستوى الأندية. يراهن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على هذه البطولة لتكون نقطة تحول في عالم كرة القدم، لكن التحديات بدأت تظهر مبكرًا، خاصة مع تراجع مبيعات التذاكر للمباراة الافتتاحية. فهل ستنجح هذه التجربة أم ستكرر إخفاقات النسخ السابقة؟
طموحات الفيفا: منتوج جديد بآفاق تجارية
التحديات الأولية: صعوبة جذب الرعاة
واجهت الفيفا صعوبات كبيرة في جذب الرعاة والمستثمرين لهذه النسخة، مما أثار مخاوف من فشل تسويقي مبكر. لكنها نجحت في النهاية في تأمين رعاة كبار، مما عزز من ثقة الأندية المشاركة. ومع ذلك، تبقى التحديات التسويقية قائمة، خاصة مع تراجع الحماس الجماهيري.
معايير اختيار الأندية: جدل وتساؤلات
اعتمدت الفيفا معايير جديدة وغير مسبوقة لاختيار الفرق المشاركة، مما أثار جدلاً واسعًا. تم اختيار أندية بناءً على تصنيفات خاصة، مع إعطاء الأولوية للأندية ذات التاريخ العريق والشعبية الكبيرة، مثل ريال مدريد، بينما أثيرت تساؤلات حول إدراج فرق مثل إنتر ميامي، التي استفادت من وجود نجوم مثل ليونيل ميسي رغم عدم استيفائها لجميع الشروط.
توزيع الأرباح: عدالة تحت المجهر
توزيع غير متكافئ للجوائز المالية
قررت الفيفا توزيع مليار دولار على الأندية المشاركة، لكن التوزيع لم يكن عادلاً. حصلت الأندية الكبرى على حصص أكبر بناءً على تاريخها وقيمتها التسويقية، بينما حصلت الأندية الأقل شهرة على مبالغ أقل، مما أثار انتقادات حول مبدأ العدالة في المنافسة.
رهان الفيفا على الأرباح غير المباشرة
لم تأخذ الفيفا أي أرباح مباشرة من هذه النسخة، بل ركزت على تعظيم الإيرادات من حقوق البث التلفزيوني، الدعاية، والحضور الجماهيري. ومع ذلك، يبدو أن رهانها على الحضور الجماهيري قد واجه عقبات، خاصة مع ضعف الإقبال على المباراة الافتتاحية.
المباراة الافتتاحية: أزمة تذاكر وتوقعات مخيبة
تراجع غير متوقع في مبيعات التذاكر
كانت الفيفا تأمل أن تملأ مباراة إنتر ميامي والأهلي الافتتاحية الملعب الذي يتسع لـ64,727 متفرجًا، مستندة إلى شعبية ليونيل ميسي ونجوم آخرين مثل لويس سواريز وجوردي ألبا. لكن المفاجأة كانت أن عدد التذاكر المباعة وصل إلى 25,000 تذكرة فقط، أي حوالي ثلث سعة الملعب.
تخفيضات متتالية في أسعار التذاكر
لتحفيز الجماهير، خفضت الفيفا أسعار التذاكر أربع مرات، من 350 دولارًا إلى 48 يورو (حوالي 55 دولارًا)، في محاولة يائسة لزيادة الإقبال. هذا التراجع أثار مخاوف من أن تكون المباريات الأخرى، خاصة تلك التي تضم أندية أقل شهرة مثل كايزر تشيفز أو باتشوكا، أقل جذباً للجماهير.
ريال مدريد: الاستثناء الذي ينقذ الفيفا
نجاح جماهيري مضمون
يبقى ريال مدريد الفريق الوحيد الذي حقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، حيث بيعت تذاكر مبارياته الثلاث في دور المجموعات بالكامل، سواء أمام الهلال السعودي، باتشوكا، أو كايزر تشيفز. بل إن أسعار تذاكر مباراة ريال مدريد وكايزر تشيفز ارتفعت بشكل كبير، حيث وصل أقل سعر إلى 213 يورو، مع ظهور سوق إعادة بيع التذاكر بشكل قانوني.
الوزن الثقيل لريال مدريد
أثبت ريال مدريد أنه العمود الفقري لتسويق البطولة. تصريح سابق لمدربه كارلو أنشيلوتي حول إمكانية عدم مشاركة الفريق تسبب في زوبعة إعلامية، مما دفع الفيفا للتأكد من مشاركته. غياب ريال مدريد كان سيُضعف مصداقية البطولة، مما يبرز أهميته التسويقية والجماهيرية.
تحديات كرة القدم في الولايات المتحدة
كرة القدم ليست الرياضة الأولى
على الرغم من جهود الفيفا والاتحاد الأمريكي لكرة القدم لتعزيز شعبية اللعبة في الولايات المتحدة، إلا أن كرة القدم الأمريكية (NFL) وكرة السلة (NBA) والهوكي (NHL) لا تزال تهيمن على اهتمامات الجماهير. تجربة كأس العالم 1994 كانت استثنائية، لكن الفيفا تأمل أن تمنح هذه البطولة وكأس العالم 2026 دفعة جديدة للعبة في أمريكا.
استراتيجيات الفيفا لجذب الجماهير
للتغلب على ضعف الإقبال، بدأت الفيفا تتبنى استراتيجيات بيع مرنة للتذاكر، مشابهة لتلك المستخدمة في شركات الطيران، حيث يتغير السعر بناءً على الطلب. هذه الطريقة تهدف إلى جذب الجماهير بأسعار منخفضة، لكنها تعكس في الوقت ذاته تحديات جذب الجمهور الأمريكي.
الخاتمة: رهان طويل الأمد
تسعى الفيفا من خلال كأس العالم للأندية 2025 إلى بناء حدث كروي عالمي ينافس كأس العالم للمنتخبات من حيث الشعبية والأرباح. لكن التحديات الحالية، خاصة ضعف الإقبال الجماهيري على المباراة الافتتاحية، تثير تساؤلات حول نجاح هذا المشروع. مع استمرار الاعتماد على أندية مثل ريال مدريد ونجوم مثل ميسي، يبقى السؤال: هل ستتمكن الفيفا من تحقيق طموحاتها وجعل هذه البطولة قبلة كروية عالمية في الدورات القادمة (2029 و2033)؟ الإجابة تعتمد على قدرتها على تحسين التسويق وجذب الجماهير في سوق صعب مثل الولايات المتحدة.