سوريا تعود إلى نظام سويفت: زلزال مالي يعيد رسم خارطة الاقتصاد الإقليمي

في لحظة تاريخية، تعود سوريا إلى قلب النظام المالي العالمي عبر بوابة سويفت بعد 14 عامًا من العزلة الاقتصادية. هذه الخطوة، التي تبدو تقنية على السطح، تمثل تحولًا اقتصاديًا وسياسيًا مدويًا يعيد تشكيل خارطة التحالفات الإقليمية. في هذا المقال، نستعرض ماهية نظام سويفت، قوته كسلاح جيوسياسي، ودلالات عودة سوريا إليه.
1. ما هو نظام سويفت؟
تعريف وأهمية
نظام سويفت (اختصار لـ Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunication) هو شبكة اتصالات مالية عالمية تأسست عام 1973 في بلجيكا. يربط النظام أكثر من 11,500 مؤسسة مالية في 200 دولة، ويتيح تبادل حوالي 42 مليون رسالة يوميًا بقيمة تريليونات الدولارات.
- وظيفته: نقل تعليمات التحويلات المالية بطريقة آمنة وموحدة.
- أهميته: العمود الفقري للتجارة الدولية، يدعم الاستثمارات وسلاسل التوريد.
سويفت كسلاح جيوسياسي
على الرغم من حيادية سويفت، فإنها تخضع لقوانين الاتحاد الأوروبي، مما يجعلها أداة لفرض العقوبات. قطع أي دولة عن سويفت يؤدي إلى:
- تعطيل التجارة الدولية.
- انهيار قيمة العملة المحلية.
- ارتفاع تكاليف التحويلات.
أمثلة: إيران (2012)، روسيا (2022)، وكوريا الشمالية (معزولة تمامًا).
2. سوريا: 14 عامًا من العزلة المالية
بداية العزلة
في 2011، ومع تصاعد الثورة السورية، فرضت عقوبات غربية فصلت سوريا عن سويفت، مما تسبب في:
- توقف التحويلات المالية الدولية المباشرة.
- تعطيل التجارة الخارجية.
- انهيار قيمة الليرة السورية.
الحلول البديلة
لجأ السوريون إلى حلول مكلفة مثل:
- نظام الحوالات التقليدي.
- وسطاء في دول الجوار (رسوم تصل إلى 40%).
- استخدام عملات بديلة (دولار، يورو).
3. عودة سوريا إلى سويفت: تحول تاريخي
في مايو 2025، أعلن حاكم البنك المركزي السوري، عبد القادر الحصرية، عودة سوريا إلى سويفت بعد تخفيف العقوبات الأمريكية بموجب الترخيص العام رقم 25.

الدلالات الاقتصادية
- إنهاء العزلة: عودة القنوات الرسمية للتحويلات وخفض تكاليف التجارة.
- جذب الاستثمارات: اهتمام أكثر من 50 بنكًا عربيًا ودوليًا.
- إحياء التجارة: دعم قطاعات الزراعة والطاقة.
الدلالات السياسية
- إشارة إلى إعادة تموضع إقليمي.
- تحسين العلاقات مع دول الجوار.
- تعزيز الشفافية المالية.
4. تأثيرات عودة سوريا إلى سويفت
على الاقتصاد السوري
- خفض تكاليف المعاملات وتيسير استيراد السلع.
- عودة تحويلات المغتربين (تقديرات: 10% من 250 مليار دولار).
- إحياء قطاعات الزراعة والطاقة.
على المنطقة
- تعزيز التكامل الاقتصادي مع لبنان والأردن والعراق.
- إعادة سوريا كمركز عبور تجاري.
- منافسة إقليمية على النفوذ الاقتصادي.
5. التحديات والتساؤلات المستقبلية
التحديات
- ترقية البنية التحتية المالية.
- ضرورة الاستقرار السياسي والإصلاحات.
- مخاطر العقوبات المستقبلية.
التساؤلات
- هل تعكس هذه الخطوة تغيرًا في موازين القوى؟
- هل ستتمكن سوريا من استغلال هذه الفرصة؟
- كيف ستؤثر على التحالفات الإقليمية؟
خاتمة: مفتاح السيادة الاقتصادية
عودة سوريا إلى نظام سويفت ليست مجرد إجراء تقني، بل لحظة تاريخية تعكس تحولات جيوسياسية واقتصادية عميقة. سويفت هو مفتاح السيادة الاقتصادية في عالم اليوم، وسوريا تقف الآن على مفترق طرق: إما أن تحول هذه الفرصة إلى تعافي اقتصادي شامل، أو أنها تظل خطوة على طريق طويل نحو الاستقرار.
للمزيد عن الاقتصاد العالمي، اطلع على مقالاتنا حول الاقتصاد العالمي.